الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: سيرة ابن هشام المسمى بـ «السيرة النبوية» (نسخة منقحة)
.[نَسَبُ أَبِيهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الرّضَاعِ]: وَاسْمُ أَبِيهِ الّذِي أَرْضَعَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ مَلّانَ بْنِ نَاصِرَةَ بْن فُصَيّةَ بْنِ نَصْرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَال: هِلَالُ بْنُ نَاصِرَةَ..[إخْوَتُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الرّضَاعِ]: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَإِخْوَتُهُ مِنْ الرّضَاعَةِ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الْحَارِثِ، وَأُنَيْسَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَحُذَافَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَهِيَ الشّيْمَاءُ، غَلَبَ ذَلِكَ عَلَى اسْمِهَا فَلَا تُعْرَفُ فِي قَوْمِهَا إلّا بِهِ. وَهُمْ لِحَلِيمَةِ بِنْتِ أَبِي ذُؤَيْبٍ، عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَارِثِ، أُمّ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. وَيَذْكُرُونَ أَنّ الشّيْمَاءَ كَانَتْ تَحْضُنُهُ مَعَ أُمّهَا إذَا كَانَ عِنْدَهُمْ..[حَدِيثُ حَلِيمَةَ عَمّا رَأَتْهُ مِنْ الْخَيْرِ بَعْدَ تَسَلّمِهَا لَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ]: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي جَهْمُ بْنُ أَبِي جَهْمٍ مَوْلَى الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبِ الْجُمَحِيّ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. أَوْ عَمّنْ حَدّثَهُ عَنْهُ قَالَ كَانَتْ حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ السّعْدِيّةُ أُمّ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الّتِي أَرْضَعَتْهُ تُحَدّثُ أَنّهَا خَرَجَتْ مِنْ بَلَدِهَا مَعَ زَوْجِهَا، وَابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ تُرْضِعُهُ فِي نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، تَلْتَمِسُ الرّضَعَاءَ قَالَتْ وَذَلِك فِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ لَمْ تُبْقِ لَنَا شَيْئًا. قَالَتْ فَخَرَجَتْ عَلَى أَتَانٍ لِي قَمْرَاءَ مَعَنَا شَارِفٌ لَنَا، وَاَللّهِ مَا تَبِضّ بِقَطْرَةٍ وَمَا نَنَامُ لَيْلَنَا أَجْمَعَ مِنْ صَبِيّنَا الّذِي مَعَنَا، مِنْ بُكَائِهِ مِنْ الْجَوْعِ. مَا فِي ثَدْيَيّ مَا يُغْنِيهِ وَمَا فِي شَارِفِنَا مَا يُغَدّيهِ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ يُغَذّيهِ- وَلَكِنّا كُنّا نَرْجُو الْغَيْثَ وَالْفَرَجَ فَخَرَجْت عَلَى أَتَانِي تِلْكَ فَلَقَدْ أَدَمْتُ بِالرّكْبِ حَتّى شَقّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ضَعْفًا وَعَجَفًا، حَتّى قَدِمْنَا مَكّةَ نَلْتَمِسُ الرّضَعَاءَ فَمَا مِنّا امْرَأَةٌ إلّا وَقَدْ عُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قِيلَ لَهَا إنّهُ يَتِيمٌ وَذَلِك أَنّا إنّمَا كُنّا نَرْجُو الْمَعْرُوفَ مِنْ أَبِي الصّبِيّ فَكُنّا نَقُولُ يَتِيمٌ وَمَا عَسَى أَنْ تَصْنَعَ أُمّهُ وَجَدّهُ فَكُنّا نَكْرَهُهُ لِذَلِك، فَمَا بَقِيَتْ امْرَأَةٌ قَدِمَتْ مَعِي إلّا أَخَذَتْ رَضِيعًا غَيْرِي، فَلَمّا أَجْمَعْنَا الِانْطِلَاقَ قُلْت لِصَاحِبِي: وَاَللّهِ إنّي لَأَكْرَهُ أَنْ أَرْجِعَ مِنْ بَيْنِ صَوَاحِبِي وَلَمْ آخُذْ رَضِيعًا، وَاَللّهِ لَأَذْهَبَن إلَى ذَلِكَ الْيَتِيمِ فَلَآخُذَنّهُ قَالَ لَا عَلَيْكِ أَنْ تَفْعَلِي، عَسَى اللّهُ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا فِيهِ بَرَكَةً. قَالَتْ فَذَهَبْتُ إلَيْهِ فَأَخَذْته، وَمَا حَمَلَنِي عَلَى أَخْذِهِ إلّا أَنّي لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ. قَالَتْ فَلَمّا أَخَذْتُهُ رَجَعْت بِهِ إلَى رَحْلِي، فَلَمّا وَضَعْته فِي حِجْرِي أَقَبْلَ عَلَيْهِ ثَدْيَايَ بِمَا شَاءَ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَ حَتّى رَوِيَ وَشَرِبَ مَعَهُ أَخُوهُ حَتّى رَوِيَ ثُمّ نَامَا وَمَا كُنّا نَنَامُ مَعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَامَ زَوْجِي إلَى شَارِفِنَا تِلْكَ. فَإِذَا إنّهَا لَحَافِلٌ فَحَلَبَ مِنْهَا مَا شَرِبَ وَشَرِبْتُ مَعَهُ حَتّى انْتَهَيْنَا رِيّا وَشِبَعًا، فَبِتْنَا بِخَيْرِ لَيْلَةٍ. قَالَتْ يَقُولُ صَاحِبِي حِينَ أَصْبَحْنَا: تَعَلّمِي وَاَللّهِ يَا حَلِيمَةُ لَقَدْ أَخَذْت نَسَمَةً مُبَارَكَةً قَالَتْ فَقُلْت: وَاَللّهِ إنّي لَأَرْجُو ذَلِكَ. قَالَتْ ثُمّ خَرَجْنَا وَرَكِبْت أَنَا أَتَانِي، وَحَمَلْتُهُ عَلَيْهَا مَعِي، فَوَاَللّهِ لَقَطَعَتْ بِالرّكْبِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا أَبِي ذُؤَيْبٍ، وَيْحَك ارْبَعِي عَلَيْنَا، أَلَيْسَتْ هَذِهِ أَتَانَك الّتِي كُنْت خَرَجْت عَلَيْهَا؟ فَأَقُولُ لَهُنّ بَلَى وَاَللّهِ إنّهَا لَهِيَ هِيَ فَيَقُلْنَ وَاَللّهِ إنّ لَهَا لَشَأْنًا. قَالَتْ ثُمّ قَدِمْنَا مَنَازِلَنَا مِنْ بِلَادِ بَنِي سَعْدٍ وَمَا أَعْلَمُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ اللّهِ أَجْدَبَ مِنْهَا، فَكَانَتْ غَنَمِي تَرُوحُ عَلَيّ حِينَ قَدِمْنَا بِهِ مَعَنَا شِبَاعًا لُبّنًا، فَنَحْلُبُ وَنَشْرَبُ وَمَا يَحْلُبُ إنْسَانٌ قَطْرَةَ لَبَنٍ وَلَا يَجِدُهَا فِي ضَرْعٍ حَتّى كَانَ الْحَاضِرُونَ مِنْ قَوْمِنَا يَقُولُونَ لِرُعْيَانِهِمْ وَيْلَكُمْ اسْرَحُوا حَيْثُ يَسْرَحُ رَاعِي بِنْتِ أَبِي ذُؤَيْبٍ، فَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا مَا تَبِضّ بِقَطْرَةِ لَبَنٍ وَتَرُوحُ غَنَمِي شِبَاعًا لُبّنًا. فَلَمْ نَزَلْ نَتَعَرّفُ مِنْ اللّهِ الزّيَادَةَ وَالْخَيْرَ حَتّى مَضَتْ سَنَتَاهُ وَفَصَلْتُهُ وَكَانَ يَشِبّ شَبَابًا لَا يَشِبّهُ الْغِلْمَانُ فَلَمْ يَبْلُغْ سَنَتَيْهِ حَتّى كَانَ غُلَامًا جَفْرًا. قَالَتْ فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمّهِ وَنَحْنُ أَحْرَصُ شَيْءٍ عَلَى مُكْثِهِ فِينَا، لِمَا كُنّا نَرَى مِنْ بَرَكَتِهِ. فَكَلّمْنَا أُمّهُ وَقُلْت لَهَا: لَوْ تَرَكْت بُنَيّ عِنْدِي حَتّى يَغْلُظَ فَإِنّي أَخْشَى عَلَيْهِ وَبَأَ مَكّةَ، قَالَتْ فَلَمْ نَزَلْ بِهَا حَتّى رَدّتْهُ مَعَنَا..[حَدِيثُ الْمَلَكَيْنِ اللّذَيْنِ شَقّا بَطْنَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ]: قَالَتْ فَرَجَعْنَا بِهِ فَوَاَللّهِ إنّهُ بَعْدَ مَقْدِمِنَا بِهِ بِأَشْهُرِ مَعَ أَخِيهِ لَفِي بَهْمٍ لَنَا خَلْفَ بُيُوتِنَا، إذْ أَتَانَا أَخُوهُ يَشْتَدّ، فَقَالَ لِي وَلِأَبِيهِ ذَاكَ أَخِي الْقُرَشِيّ قَدْ أَخَذَهُ رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ فَأَضْجَعَاهُ فَشَقّا بَطْنَهُ فَهُمَا يَسُوطَانِهِ. قَالَتْ فَخَرَجْت أَنَا وَأَبُوهُ نَحْوَهُ فَوَجَدْنَاهُ قَائِمًا مُنْتَقَعَا وَجْهُهُ. قَالَتْ فَالْتَزَمْته وَالْتَزَمَهُ أَبُوهُ فَقُلْنَا لَهُ مَا لَك يَا بُنَيّ قَالَ جَاءَنِي رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ فَأَضْجَعَانِي وَشَقّا بَطْنِي، فَالْتَمِسَا فِيهِ شَيْئًا لَا أَدْرِي مَا هُوَ. قَالَتْ فَرَجَعْنَا بِهِ إلَى خِبَائِنَا..[رُجُوعُ حَلِيمَةَ بِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى أُمّهِ]: قَالَتْ وَقَالَ لِي أَبُوهُ يَا حَلِيمَةُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْغُلَامُ قَدْ أُصِيبَ فَأَلْحِقِيهِ بِأَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ بِهِ قَالَتْ فَاحْتَمَلْنَاهُ فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمّهِ فَفَالَتْ مَا أَقْدَمَك بِهِ يَا ظِئْرُ وَقَدْ كُنْتِ حَرِيصَةً عَلَيْهِ وَعَلَى مُكْثِهِ عِنْدَك؟ قَالَتْ فَقُلْت: قَدْ بَلَغَ اللّهُ بِابْنِي وَقَضَيْتُ الّذِي عَلَيّ وَتَخَوّفْت الْأَحْدَاثَ عَلَيْهِ فَأَدّيْته إلَيْك كَمَا تُحِبّينَ قَالَتْ مَا هَذَا شَأْنُك، فَاصْدُقِينِي خَبَرَك. قَالَتْ فَلَمْ تَدَعْنِي حَتّى أَخْبَرْتُهَا. قَالَتْ أَفَتَخَوّفَتْ عَلَيْهِ الشّيْطَانَ؟ قَالَتْ قُلْت نَعَمْ قَالَتْ كَلّا، وَاَللّهِ مَا لِلشّيْطَانِ عَلَيْهِ مِنْ سَبِيلٍ وَإِنّ لِبُنَيّ لَشَأْنًا، أَفَلَا أُخْبِرُكِ خَبَرَهُ قَالَتْ قُلْت بَلَى، قَالَتْ رَأَيْتُ حِينَ حَمَلْتُ بِهِ أَنّهُ خَرَجَ مِنّي نُورٌ أَضَاءَ لِي قُصُورَ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشّامِ، ثُمّ حَمَلْتُ بِهِ فَوَاَللّهِ مَا رَأَيْت مِنْ حَمْلٍ قَطّ كَانَ أَخَفّ عَلَيّ وَلَا أَيْسَرَ مِنْهُ وَوَقَعَ حِينَ وَلَدْته وَإِنّهُ لَوَاضِعٌ يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ رَافِعٌ رَأَسَهُ إلَى السّمَاءِ دَعِيهِ عَنْك وَانْطَلِقِي رَاشِدَةً..[تَعْرِيفُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِنَفْسِهِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ]: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ وَحَدّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا أَحْسَبُهُ إلّا عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ الْكُلَاعِيّ أَنّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالُوا لَهُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِك؟ قَالَ نَعَمْ أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إبْرَاهِيمَ وَبُشْرَى أَخِي عِيسَى، وَرَأَتْ أُمّي حِين حَمَلَتْ بِي أَنّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَ لَهَا قُصُورَ الشّامِ، وَاسْتُرْضِعْتُ فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، فَبَيْنَا أَنَا مَعَ أَخٍ لِي خَلْفَ بُيُوتِنَا نَرْعَى بَهْمًا لَنَا، إذْ أَتَانِي رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ ثَلْجًا، ثُمّ أَخَذَانِي فَشَقّا بَطْنِي، وَاسْتَخْرَجَا قَلْبِي فَشَقّاهُ فَاسْتَخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَةً سَوْدَاءَ فَطَرَحَاهَا، ثُمّ غَسَلَا قَلْبِي وَبَطْنِي بِذَلِكَ الثّلْجِ حَتّى أَنْقَيَاهُ ثُمّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ زِنْهُ بِعَشَرَةِ مِنْ أُمّتِهِ فَوَزَنَنِي بِهِمْ فَوَزَنْتهمْ ثُمّ قَالَ زِنْهُ بِمِئَةِ مِنْ أُمّتِهِ فَوَزَنَنِي بِهِمْ فَوَزَنْتهمْ ثُمّ قَالَ زَنّهِ بِأَلْفِ مِنْ أُمّتِهِ فَوَزَنَنِي بِهِمْ فَوَزَنْتهمْ فَقَالَ دَعْهُ عَنْك، فَوَاَللّهِ لَوْ وَزَنْتَهُ بِأُمّتِهِ لَوَزَنَهَا..[هُوَ وَالْأَنْبِيَاءُ قَبْلَهُ رَعَوْا الْغَنَمَ]: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ مَا مِنْ نَبِيّ إلّا وَقَدْ رَعَى الْغَنَمَ قِيلَ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ وَأَنَا..[اعْتِزَازُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِقُرَشِيّتِهِ وَاسْتِرْضَاعُهُ فِي بَنِي سَعْدٍ]: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ أَنَا أَعْرَبُكُمْ أَنَا قُرَشِيّ، وَاسْتُرْضِعْت فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ..[افْتَقَدَتْهُ حَلِيمَةُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ رُجُوعِهَا بِهِ وَوَجَدَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ]: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَزَعَمَ النّاسُ فِيمَا يَتَحَدّثُونَ وَاَللّهُ أَعْلَمُ أَنّ أُمّهُ السّعْدِيّةَ لَمّا قَدِمَتْ بِهِ مَكّةَ أَضَلّهَا فِي النّاسِ وَهِيَ مُقْبِلَةٌ بِهِ نَحْوَ أَهْلِهِ فَالْتَمَسَتْهُ فَلَمْ تَجِدْهُ فَأَتَتْ عَبْدَ الْمُطّلِبِ، فَقَالَتْ لَهُ إنّي قَدْ قَدِمْت بِمُحَمّدٍ هَذِهِ اللّيْلَةَ. فَلَمّا كُنْتُ بِأَعْلَى مَكّةَ أَضَلّنِي، فَوَاَللّهِ مَا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ فَقَامَ عَبْدُ الْمُطّلِبِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ يَدْعُو اللّهَ أَنْ يَرُدّهُ فَيَزْعُمُونَ أَنّهُ وَجَدَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدٍ، وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْ قُرَيْشٍ، فَأَتَيَا بِهِ عَبْدَ الْمُطّلِبِ، فَقَالَا لَهُ هَذَا ابْنُك وَجَدْنَاهُ بِأَعْلَى مَكّةَ، فَأَخَذَهُ عَبْدُ الْمُطّلِبِ، فَجَعَلَهُ عَلَى عُنُقِهِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ يُعَوّذُهُ وَيَدْعُو لَهُ ثُمّ أَرْسَلَ بِهِ إلَى أُمّهِ آمِنَةَ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنّ مِمّا هَاجَ أُمّهُ السّعْدِيّةَ عَلَى رَدّهِ إلَى أُمّهِ مَعَ مَا ذَكَرَتْ لِأُمّهِ مِمّا أَخْبَرَتْهَا عَنْهُ أَنّ نَفَرًا مِنْ الْحَبَشَةِ نَصَارَى، رَأَوْهُ مَعَهَا حِينَ رَجَعَتْ بِهِ بَعْدَ فِطَامِهِ فَنَظَرُوا إلَيْهِ وَسَأَلُوهَا عَنْهُ وَقَلّبُوهُ ثُمّ قَالُوا لَهَا: لَنَأْخُذَنّ هَذَا الْغُلَامَ فَلَنَذْهَبَنّ بِهِ إلَى مَلِكِنَا وَبَلَدِنَا، فَإِنّ هَذَا غُلَامٌ كَائِنٌ لَهُ شَأْنٌ نَحْنُ نَعْرِفُ أَمْرَهُ فَزَعَمَ الّذِي حَدّثَنِي أَنّهَا لَمْ تَكَدْ تَنْفَلِتُ بِهِ مِنْهُمْ..[وَفَاةُ آمِنَةَ وَحَالُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَعَ جَدّهِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ بَعْدَهَا]: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَعَ أُمّهِ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ وَجَدّهِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ فِي كَلَاءَةِ اللّهِ وَحِفْظِهِ يُنْبِتُهُ اللّهُ نَبَاتًا حَسَنًا لِمَا يُرِيدُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ فَلَمّا بَلَغَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سِتّ سِنِينَ تُوُفّيَتْ أُمّهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: أَنّ أُمّ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ آمِنَةُ تُوُفّيَتْ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ابْنُ سِتّ سِنِينَ بِالْأَبْوَاءِ بَيْنَ مَكّةَ وَالْمَدِينَةِ، كَانَتْ قَدْ قَدِمَتْ بِهِ عَلَى أَخْوَالِهِ مِنْ بَنِي عَدِيّ بْنِ النّجّار ِ تُزِيرُهُ إيّاهُمْ فَمَاتَتْ وَهِيَ رَاجِعَةٌ بِهِ إلَى مَكّةَ..[سَبَبُ خُؤُولَةِ بَنِي عَدِيّ بْنِ النّجّارِ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ]: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أُمّ عَبْدِ الْمُطّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ: سَلْمَى بِنْتُ عَمْرٍو النّجّارِيّةُ. فَهَذِهِ الْخُؤُولَةُ الّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ إسْحَاقَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِيهِمْ..[إكْرَامُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ لَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ صَغِيرٌ]: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَعَ جَدّهِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، وَكَانَ يُوضَعُ لِعَبْدِ الْمُطّلِبِ فِرَاشٌ فِي ظِلّ الْكَعْبَةِ، فَكَانَ بَنُوهُ يَجْلِسُونَ حَوْلَ فِرَاشِهِ ذَلِكَ حَتّى يَخْرَجَ إلَيْهِ لَا يَجْلِسُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ بَنِيهِ إجْلَالًا لَهُ؟ قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَأْتِي وَهُوَ غُلَامٌ جَفْرٌ حَتّى يَجْلِسَ عَلَيْهِ فَيَأْخُذَهُ أَعْمَامُهُ لِيُؤَخّرُوهُ عَنْهُ فَيَقُولُ عَبْدُ الْمُطّلِبِ، إذَا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُمْ دَعُوا ابْنِي، فَوَاَللّهِ إنّ لَهُ لَشَأْنًا، ثُمّ يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى الْفِرَاشِ وَيَمْسَحُ ظَهْرَهُ بِيَدِهِ وَيَسُرّهُ مَا يَرَاهُ يَصْنَعُ..[وَفَاةُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ وَمَا رُثِيَ بِهِ مِنْ الشّعْرِ]: صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثَمَانِي سِنِينَ هَلَكَ عَبْدُ الْمُطّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ. وَذَلِكَ بَعْدَ الْفِيلِ بِثَمَانِي سِنِينَ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدّثَنِي الْعَبّاسُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ الْعَبّاسِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ أَنّ عَبْدَ الْمُطّلِبِ تُوُفّيَ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ابْنُ ثَمَانِي سِنِينَ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ: أَنّ عَبْدَ الْمُطّلِبِ لَمّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وَعَرَفَ أَنّهُ مَيّتٌ جَمَعَ بَنَاتِهِ وَكُنّ سِتّ نِسْوَةٍ صَفِيّةَ، وَبَرّةَ وَعَاتِكَةَ، وَأُمّ حَكِيمٍ الْبَيْضَاءَ وَأُمَيْمَةَ، وَأَرْوَى، فَقَالَ لَهُنّ ابْكِينَ عَلَيّ حَتّى أَسْمَعَ مَا تَقُلْنَ قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ يَعْرِفُ هَذَا الشّعْرَ إلّا أَنّهُ لَمّا رَوَاهُ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ كَتَبْنَاهُ..[رِثَاءُ صَفِيّةَ لِأَبِيهَا عَبْدِ الْمُطّلِبِ]: فَقَالَتْ صَفِيّةُ ابْنَةُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ تَبْكِي أَبَاهَا:.[رِثَاءُ بَرّةَ لِأَبِيهَا عَبْدِ الْمُطّلِبِ]: وَقَالَتْ بَرّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ تَبْكِي أَبَاهَا:.[رِثَاءُ عَاتِكَةَ لِأَبِيهَا عَبْدِ الْمُطّلِبِ]: وَقَالَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ تَبْكِي أَبَاهَا:.[رِثَاءُ أُمّ حَكِيمٍ لِأَبِيهَا عَبْدِ الْمُطّلِبِ]: وَقَالَتْ أُمّ حَكِيمٍ الْبَيْضَاءِ بنتُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ تَبْكِي أَبَاهَا:.[رِثَاءُ أُمَيْمَةَ لِأَبِيهَا عَبْدِ الْمُطّلِبِ]: وَقَالَتْ أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ تَبْكِي أَبَاهَا:.[رِثَاءُ أَرِوَى لِأَبِيهَا عَبْدِ الْمُطّلِبِ]: وَقَالَتْ أَرْوَى بِنْتُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ تَبْكِي أَبَاهَا:قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَزَعَمَ لِي مُحَمّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ أَنّهُ أَشَارَ بِرَأْسِهِ وَقَدْ أَصْمَتَ أَنّ هَكَذَا فَابْكِينَنِي. .[نَسَبُ الْمُسَيّبِ]: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَالْمُسَيّبُ بْنُ حَزْنِ بْنِ أَبِي وَهْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ..[رِثَاءُ حُذَيْفَةَ لِعَبْدِ الْمُطّلِبِ]: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ غَانِمٍ أَخُو بَنِي عَدِيّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ يَبْكِي عَبْدَ الْمُطّلِبِ بْنَ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَاف، وَيَذْكُرُ فَضْلَهُ وَفَضْلَ قُصَيّ عَلَى قُرَيْشٍ، وَفَضْلَ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ أَنّهُ أُخِذَ بِغُرْمِ أَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ بِمَكّةَ، فَوَقَفَ بِهَا فَمَرّ بِهِ أَبُو لَهَبٍ عَبْدُ الْعُزّى بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ فَافْتَكّهُ:قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أُمّك سِرّ مِنْ خُزَاعَةَ، يَعْنِي أَبَا لَهَبٍ أُمّهُ لُبْنَى بِنْتُ هَاجِرٍ الْخُزاَعِيّ. وَقوله: بِإِجْرِيّا أَوَائِلُهُ عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.
|